الورقة السياسية
مقدمة :-
ينعقد المؤتمر العام الثالث للمؤتمر الوطني في دورة انعقاده الأولي .. وقد خطا المؤتمر الوطني بالحياة السياسية السودانية خطوات معتبرة في سبيل تجاوز المشكلات السياسية الموروثة التي عانت منها البلاد .
ويطرح المؤتمر الوطني رؤاه حول القضايا السياسية المختلفة في هذه المرحلة، وبلدنا تستقبل الانتخابات العامة هوي موسم نشاط سياسي كثيف ، لتصبح مادة للحوار الوطني الواسع مساهمة منه في ترشيد الممارسة السياسية ولنرتفع جميعاً لمستوى المسئولية الوطنية في مواجهة تحديات وحدة وسلامة وأمن الوطن ، بمزيد من الإجماع الوطني علي المصالح العليا للبلاد ، والتوافق علي القضايا السياسية الأساسية بالحوار الوطني الهادي والمسئول . وذلك من خلال الحوار العميق والمستمر حول القضايا الآتية وغيرها :
1/ بنية الأحزاب والتنظيمات السياسية السودانية .
2/ الحريات .
3/ الاستقرار السياسي (الأمن والسلام والتبادل الآمن للسلطة .
4/ الانتخابات .
5/ الوحدة الوطنية .
6/ العلاقات الخارجية (أثرها علي الشأن السياسي الداخلي) .
1/ بنية الأحزاب والتنظيمات السياسية السودانية:-
البناء السياسي والتنظيمي للأحزاب واجه مشكلات داخلية تخص بنية الأحزاب والتنظيمات أفرزت نتائج سالبة علي الوطن .
أهمل المشكلات الداخلية للأحزاب السياسية :-
1/ تنامت النزاعات الجهوية داخل الأحزاب علي حساب الانتماء الحزبي والالتزام السياسي القومي حتى كادت أن تصبح هذه التكتلات داخل الحزب الواحد وكأنها منابر مستقلة داخله ، كما أفرزت لاحقاً قيام أحزاب وتنظيمات جهوية .
2/ غيار الرؤى الجامعة والمتفق عليها داخل الحزب وضبابية الفكر السياسي ودم وضوح الأهداف والمقاصد ، تسبب في الانقسامات والانشقاقات داخل الأحزاب ، وفاقم الخلاف السياسي بين الأحزاب .
3/ التكوين الداخلي للأحزاب ظل ينقصه رسوخ التقاليد الشورية والديمقراطية ، وقوة المؤسسات التي تشكل ممسكات لوحدة الحزب من حيث أنها الوسيلة للمفاضلة بين الآراء المطروحة .
4/ عانت الساحة السياسية السودانية من صراع الحكومة والمعارضة ، الذي تعدى في أحيان كثيرة الصراع السياسي المدين ، إلى الصراع العسكري المسلح الدموي .. وأصبح الاستقطاب السياسي حاداً وافتقرت العلاقات السياسية بين الأحزاب إلى الوفاق والتعايش .
5/ ضعف ممارسة السلطة وارتفاع حدة الخلافات والانقسامات في الحزب الواحد وبين الأحزاب المؤتلفة تسببت في فشل الحكومات المنتخبة وكانت سبباً مباشراً لإنجاح سيطرة القوات المسلحة علي السلطة وترحيب أهل السودان بذلك .
إذا أضفنا إلى هذه التجربة التاريخية الوضع الراهن ، وانفتاح الحياة السياسية وتسجيل (76) حزباً سياسياً ، تبدو الساحة السياسية السودانية والممارسة السياسية أكثر حاجة لممارسة سياسية راشدة تحدث الإجماع والتوافق حول القضايا الوطنية من خلال بناء حزبي متماسك ومسئول .
دورالمؤتمر الوطني في البنية السياسية والتنظيمية في السودان :-
* من المرتكزات الفكرية الأصلية للمؤتمر الوطني قناعته الراسخة بأن تدار البلاد من خلال نظام تعددي شوري ديمقراطي ينفتح للرأي والرأي الآخر.
*ويؤمن المؤتمر الوطني بأن التفويض الشعبي من خلال الانتخابات الحرة هو السبيل الوحيد للتبادل السلمي الآمن للسلطة .
وقد كانت توجهات نظام الإنقاذ الوطني منذ البداية تسير في هذا الاتجاه لتهيئة الساحة السياسية لإقامة نظام تعددي ومشاركة سياسية لكل الأحزاب أساسها حرية العمل السياسي ، وندلل علي ذلك من خلال مسيرة نظام الإنقاذ والمؤتمر الوطني التاريخية التالية :
أولاً : مؤتمر الحوار السياسي (1990م) :
انفتح نظام الإنقاذ منذ أول ميلاده علي الساحة السودانية بكل تنظيماتها بمؤتمرات الحوار الوطني التي غطت كل القضايا الوطنية ، والتي لم تستثني أحداً من القوى السياسية والاجتماعية . وكان من بين هذه المؤتمرات مؤتمر الحوار السياسي ... وقد سعى المؤتمر لإيجاد القواسم المشتركة للعمل السياسي الوطني ... وقواعد قيام الأحزاب وكيفية الحصول علي ممارسة سياسية راشدة لمصلحة الوطن ، وكيف تكون الأحزاب أوعية قومية تعبر عن كل السودان .
ثانياً : الانفتاح علي القوى السياسية المعارضة :-
قاد المؤتمر الوطني الحوار والتفاوض مبكراً مع القوى المعارضة حتى التي حملت السلاح وحاربت نظام الإنقاذ .. إلى أن حقق اتفاق سلام الجنوب ، واتفاقية القاهرة مع تجمع المعارضة ، واتفاق الشرق ، والاتفاق مع حزب الأمة المعارض ، ثم اتفاق سلام دارفور واستيعاب الحركات المسلحة ، وقد شملت حوارات المؤتمر الوطني بعد السلام كل الأحزاب السياسية بلا استثناء .
ثالثاً : فتح المشاركة السياسية مع الحكومة :-
قاد المؤتمر الوطني مبادرة المشاركة في السلطة .. من خلال حكومة البرنامج الوطني التي حققت اتفاقية السلام الشامل في الجنوب ، وحكومة الوحدة الوطنية التي اتسعت لتشمل الحركة الشعبية والتجمع المعارض وجبهة الشرق ومُوقعي سلام دارفور بأبوجا.
رابعاً : تجربة المؤتمر الوطني التنظيمية في البناء السياسي :
وعلي صعيده الداخلي قدم المؤتمر الوطني تجربة تنظيمية وسياسية رائدة للبناء السياسي :
* فقد أسس المؤتمر الوطني تنظيماً سياسياً انفتحت عضويته لكل أقاليم السودان وامتد بنيانه في الغرب والشرق والجنوب والشمال والوسط وانتشرت قواعده في القرى والفرقان .
* بني المؤتمر الوطني مؤسسات تنظيمية علي الشورى من مؤتمرات الأساس إلى المناطق فالولايات فالمستوى القومي بالإضافة إلى مؤتمرات القطاعات الوظيفية ( السياسي ـ الاجتماعي ـ الثقافي ـ الاقتصادي ) والقطاعات الفئوية (مرأة ـ شباب ـ طلاب ) وكانت مؤسساته فاعلة استوعبت أعداداً كبيرة من القيادات انتظمت في دورات انعقادها مما رسخ الممارسة السياسية الشورية .
* وعلي صعيد الطرح الفكري السياسي والبرنامج السياسي حرك المؤتمر الوطني الدوافع الدينية والوطنية لشحذ الهمم وإطلاق الطاقات . حتى لا يكون حزباً للتنظير السياسي المترف الذي لا ينفع الناس ... بل كان فكر المؤتمر الوطني ملحمة وطنية للعمل والإنتاج وإقامة مشاريع التنمية والخدمات وإنجاز نهضة الوطن . فالجانب الفكري والبرامجي للمؤتمر الوطني كان برنامج عمل تطبيقي يقوم علي تفجير طاقات المواطنين من خلال العملية السياسية ، وتوجيههم موحدين متضامنين للإنتاج.
سادساً : استكمال البنية السياسية للسودان (بناء الأحزاب) :
* ساهم المؤتمر الوطني مع القوى السياسية المختلفة في إجازة قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وتكوين مفوضية الانتخابات ومجلس الأحزاب .
* وبرنامج المؤتمر الوطني للدورة الجديدة هو المساهمة في بناء سياسي تعددي متماسك يتعاون علي إدارة البلاد وإنجاز المهام الوطنية ... ومن خلال هذا البرنامج ينفتح المؤتمر الوطني علي كل الأحزاب السياسية للتعايش في إطار الوطن الواحد أو لتبادل التجارب وللتوافق والتحالف السياسي لمصلحة الوطن .
2/ الحريات
الحريات أهم مطلوبات الممارسة السياسية الراشدة ، وهي كذلك أهم مقومات الإصلاح السياسي في السودان .
والمؤتمر الوطني يؤكد بصورة قاطعة إيمانه المبدئي بالحرية ، فالحرية أحد مبادئه الفكرية المرتبطة بمرتكزاته الدينية والوطنية ، فمن المنظور الديني الحرية أصل ديني وهي هبة من الله للإنسان لا ينتزعها منه أحمد إلا ظلم وأثم .
ومن المنظر الوطني الحرية أصل في الممارسة العامة تُطلق طاقات المواطنين للبناء والإعمار ، ولا قيد علي حرية الأفراد والتنظيمات إلا بحدود حرمان الآخرين ومصلحة الوطن وقيم المجتمع ، وفي حدود القانون.
وعملياً :
* يؤكد المؤتمر الوطني علي حرية التنظيم والممارسة السياسية .
* حرية التعبير والنشر .
* ويلتزم برنامج المؤتمر الوطني بالحوار البناء مع القوى السياسية كافة لإزالة كافة القيود علي حرية العمل السياسي ، وتهيئة المناخ لممارسة سياسية حرة .
3/ الانتخــابات
التهيئة للانتخابات :
* يعتبر المؤتمر الوطني إجراء الانتخابات العامة في موعدها الذي تحدده مفوضية الانتخابات أمر مبدئي واجب النفاذ، واستحقاق أساسي من استحقاقات اتفاقية السلام الشامل .
* يعتبر المؤتمر الوطني الانتخابات العامة أساسية لاستكمال التحول الديمقراطي وتحديد أوزان القوى السياسية، وهي تنقل البلد إلى مرحلة جديدة تستمد مشروعيتها من تفويض الشعب ... بدلاً عن مشروعية الاتفاقية والدستور الانتقالي ، دون تجاوز للتجربة أو تقليل من شأنها.
* ويسعى المؤتمر الوطني مع القوى السياسية الأخرى لبناء قاعدة عريضة من التوافق حول إجراء الانتخابات وفقاً للأسس والمعايير والقوانين واللوائح المنظمة لها، وضمان المشاركة الواسعة للأحزاب فيها.
* تحتاج الانتخابات كذلك لتوافق وطني واسع واتفاق علي الضمانات اللازمة لنزاهة الانتخابات وشفافيتها وذلك باتفاق كل الشركاء علي رقابة دولية ومحلية محايدة.
* لابد لكل القوى السياسية القبول بالرجوع لأهل السودان لأخذ التفويض من خلال انتخابات حرة ونزيهة ، ويلزم القبول بنتائج الانتخابات لأنها رأي الشعب ، لتضمن التبادل السلمي للسلطة .
استكمال العملية السلمية في دارفور :
بعض القوى السياسية غير الراغبة في الانتخابات ، وبعض القوى الخارجية المتخوفة من نتائج الانتخابات تعتذر بالأوضاع في دارفور لتعويق قيام الانتخابات ، وهذه الحجج مردودة بالأمر الواقع :
فالواقع علي الأرض في دارفور قد توحل من مناخ وثقافة الحرب إلى مناخ وثقافة السلام ، فالحرب في دارفور انتهت علي الأرض وليس أدل علي ذلك من شهادة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي رودلف ادادا ، وقائد القوات الأفريقية والأممية في دارفور إذ أكد أن العنف في دارفور قد انخفض والحرب قد انتهت ولم تبق إلا مظاهر الجريمة المنظمة.
والعمل السياسي الذي قام به المؤتمر الوطني في دارفور بعقد آلاف مؤتمرات الأساس في القرى والفرقان والتي غطت أكثر من 95% من دارفور يدحض مزاعم الهاربين من الانتخابات .
والأمر يستدعى تضافر الجهد الوطني لاستكمال العملية السلمية في دارفور وهو ما سيلتزم به المؤتمر الوطني وذلك عن طريق :
* الاستمرار في بسط الأمن في دارفور.
* إكمال عمليات العودة الطوعية للنازحين إلى قراهم .
* توفير بيئة مناسبة للنازحين الذين يرغبون في الاستقرار في المناطق التي نزحوا إليها واستيعابهم في خطط إسكانية.
* أعمال مبدأ التعويضات وفق ما اتفق عليه في مبادرة أهل السودان.
* أكمال المصالحات ومؤتمرات رتق النسيج الاجتماعي.
* استكمال مسار التفاوض بالدوحة لإكمال الحل السياسي.
4/ الاستقرار السياسي
بوابة الاستقرار السياسي للوطن ، هي التوافق وتماسك الجبهة الداخلية. ولن يتم الاستقرار السياسي دون إحراز تقدم مهم في عملية البناء الوطني من خلال:
أولاً : استعادة تماسك المجتمع وإكمال المصالحة الاجتماعية الشاملة وتجاوز النزاعات القبلية والعرقية.
ثانياً : من المهم أن تتراجع الاتجاهات الجهوية والعرقية لمصلحة الانتماء القومي الوني الأرفع .
ثالثاً : أن تتجاوز الأحزاب والمنظمات السياسية مرارات الماضي ، وتدير فيما بينها حواراً وطنياً مخلصا يعلى المصالح الوطنية علي الصراعات الحزبية.
رابعاً : أن يقوم الحكم علي الشراكة الواسعة ومبدأ المساهمة في البناء الوطني من داخل الحكومة أو من خارجها.
خامساً : الاستمرار في بناء قاعدة الحكم الراشد :
* تأسيس قواعد العدل.
* صيانة الحقوق.
* إحداث التوازن في التنمية والخدمات بين المناطق وتحسين معاش الناس.
* توفير الأمن.
* سيادة حكم القانون.
* كفاءة النظم وتطوير العمل المؤسسي.
5/ الوحدة الوطنية
علي الرغم من عدالة حق تقرير المصير لمواطني جنوب السودان ، كاستحقاق من استحقاقات السلام ، إلا أنه اختبار عسير للممارسة السياسية السودانية يضع القوى السياسية جميعاً أمام امتحان وحدة الوطن .
إن ما تحقق من إيقاف نزيف الحرب ، وبناء المؤسسات السياسية والتشريعية ووضع أسس لاقتسام الثروة والسلطة ، وبسط الحريات وتهيئة المناخ العام لانتخابات حرة ونزيهة تضمن تفويض شعبي يضع البلاد في مناخ شوري ديمقراطي حر .. يقطع الطريق أمام دعاة الانفصال وحججهم.
كل هذه الأمور تقف أسباباً كافية تلزم القوى السياسية جميعاً في حكومة الوحدة الوطنية أو خارجها ، في الشمال أو في الجنوب بواجب العمل لصيانة وحدة الوطن أرضاً وشعباً .
والمؤتمر الوطني يؤكد أن خطه السياسي وبرنامجه العلمي هو صيانة الوحدة الوطنية ، ويقوم علي :-
* تنشيط مكاتب المؤتمر الوطني في الجنوب وعناصره القيادية في الشمال والجنوب لقيادة حملة واسعة للتبشير بالوحدة الوطنية .
* إشراك كل القوى السياسية الشمالية والجنوبية ودعوتها للتبشير بخيار الوحدة.
* تفعيل صندوق دعم الوحدة ورفده بالموارد الكافية.
* التواصل مع القوى الإقليمية والدولية والتنبيه إلى مخاطر الانفصال ومآلاته . وسيعمل المؤتمر الوطني عي أن تنفتح الساحة السياسية في الجنوب بحرية لكل المواطنين في جنوب الوطن وقواهم السياسية .. في مناخ حر ومعافى من الإكراه والتضييق علي اختيار المواطنين.. ليأتي الاستفتاء معبراً بحق عن إرادة حرة لمواطنينا في جنوب الوطن ، وسوف يعمل المؤتمر الوطني علي تهيئة المناخ للأخوة الجنوبيين في الولايات الشمالية للمشاركة في الاستفتاء.
* ويبدو واضحاً أنه ومن خلال معطيات الواقع السياسي لا مصلحة للسودان وتطوره في غير وحدته وتماسكه.. وأن انقسام الوطن ستولد عنه كيانات ضعيفة ومنهارة وسائغة لأن تبتلها القوى الكبرى في إطار صراع المصالح ، مما يجب العمل بهمة من الجميع لصيانة الوحدة.
6/ الأثر الخارجي علي البنية السياسية السودانية
* العلاقات الدولية تحكمها المصالح وموازين القوى ، وفي الآونة الأخيرة بعد انتهاء الحرب الباردة وظهور القطبية الأحادية ، تطورت معادلة المصالح لدى الدول الكبرى بدرجة حادة بلغت حد التدخلات العسكرية المباشرة لحماية مصالحها.
* وفي ضوء ذلك ، دوماً يكون أثر التدخلات الأجنبية علي البنية السياسية للدولة في أحزابها ومنظماتها أثر سالب قطعاً ، ولا يخدم إلا مصالح تلك الدول.
* أما انفتاح الدولة علي العلاقات الخارجية وفق رؤاها ومصالحها فهو أمر محمود.
المؤتمر الوطني والتدخلات الخارجية :
* يتبنى المؤتمر الوطني سياسة خارجية موضوعية منفتحة وشجاعة.
* تقوم هذه السياسة علي حرية الإرادة واستقلال القرار.
* وتقوم كذلك علي صيانة السيادة الوطنية وحفظ موارد البلاد من أن تُغتصب.
* وتقوم كذلك علي تبادل المنافع والمصالح مع الدول .
* أما تدخل الدول الكبرى لتوجيه الإرادة الوطنية والتحكم في اختياراتها بالتخويف وبالترغيب فأمر مرفوض لأنه مضر بالمصالح العليا للوطن ويحيل القوى السياسية إلى قوى مرهونة الإرادة للأجانب وغير جديرة بتمثيل الشعب وغير مؤتمنة علي مقدرات الوطن.
* وفي ضوء هذه المعطيات ، فمن مصلحة السودان أن يعمر علاقاته مع جواره الأفريقي ، فقد كسبت السياسة الخارجية السودانية كثيراً في معركة المحكمة الجنائية عندما كسبت موقف الاتحاد الأفريقي ومؤسساته . كذلك المنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة الـ77 + الصين.
* ويستفيد السودان كثيراً عندما يشكل حضوراً فعالاً في الساحة الدولية والساحات الإقليمية ويناصر القضايا العادلة ويناصر المستضعفين، ويدعو لعالم تسوده قيم الحق والعدل وينتفي فيه الظلم والعدوان.
والله الموفق ....
ورقة الاقتصاد والمجتمع
مقدمة :-
تنعقد الدورة الثالثة للمؤتمر العام للمؤتمر الوطني في دورة انعقاده الأولى وقد سبقتها في مجال الاقتصاد مؤتمرات القطاع الاقتصادي علي مستوى الولايات والمستوى القومي ، تدارست هذه المؤتمرات مقومات نهضتنا الاقتصادية في قطاعات الاقتصاد المختلفة وأصدرت توصياتها بشأنها.
هذه الورقة استوعبت اتجاهات النقاش في كل هذه المؤتمرات وتوصياتها ، مستهدية بالإستراتيجية ربع القرنية ، والخطة الخماسية الأولى من الإستراتيجية وأوضاع الاقتصاد العالمي وانعكاساتها علي الوضع الداخلي ، لتضع مؤشرات لنقاش في المؤتمر العام، إن مسيرة الاقتصاد السوداني منذ انطلاقتها في نهاية الثمانينات وبدية التسعينات من القرن الماضي ... مسيرة تستوجب من الشعب السوداني كافة :
أولاً : الحمد والشكر لله تعالى علي النقلة الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي حدثت ... فالتغيير الجذري الذي حدث في واقع البلاد الاقتصادي ظاهر للعيان ، فقد شهدت علي تقدم الاقتصاد السوداني ونموه ، المؤسسات الدولية الاقتصادية المعتبرة العدو والصديقة ، قال تعالى ( لن شكرتم لأزيدنكم ) .
ثانياً : إن ما حققه السودان من نمو اقتصادي ... لابد أن يشكل حافزاُ قوياً لتحريك الطاقات شحذ الهمم للعمل الجاد من كافة قطاعات المجتمع لاستكمال إنجاز النهضة الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
فأهل السودان يذكرون جيداً الضيق والعنت الذي كنا فيه في كل مجالات الحياة ، عنت في الغذاء ، وشح في الوقود والكهرباء ، وتخلف في التنمية والخدمات ، فاقتصادنا كان سالب النمو ومواردنا المالية سجلت عجزاً كبيراً ، ومواردنا الطبيعية في البترول والمعادن كانت عاطلة وعاني السودان كثيراً من استيراد الحبوب الغذائية والبترول . إن ما حدث في الاقتصاد السوداني من نمو وتقدم في مشروعات البنية التحية وإنتاج البترول وتصديره ، وفي الطاقة والصناعة وخدمات التعليم والصحة والاتصالات ، أمور أشبه بالمعجزات ... وإذا قرأنا ذلك كله مع أجواء الحرب والحصار والمقاطعة الاقتصادية من دول الغرب .. لوجدنا أن أهل السودان كانوا كمن يحفر بأظافره في الصخر ، ولادركنا أن الذي تحقق ما كان له أن يتحقق دون توفيق الله تعالي ثم العزائم والطاقات والجهد الذي بذل.
الأداء الاقتصادي في مدى الدورة الماضية :
ولنجعل مدخلنا إلى الدورة الجديدة تقوم كلى للأداء الاقتصادي في الدورة السابقة ، وهي سنوات سماتها الخاصة :
• في سنوات كانت ضمن حكومة الوحدة الوطنية التي تحمل استحقاقات سلام الجنوب حيث شهدت الفترة تحويل 45% من موازنة الدولة لحكومة الجنوب .
• وشهدت هذه الأعوام تحريك الدول الكبرى للحرب في دارفور وتصعيدها في المؤسسات الدولية للتحول هي الأخرى إلى عبء أمني يستنزف ويبدد موارد الحكومة القومية .
• واشتدت كذلك المقاطعة والحصار الاقتصادي من الدول الغربية علي السودان.
• ثم تنصلت الدول الكبرى المانحة من كل تعهداتها المالية التي قطعتها لدعم السلام في أسلو(1) و(2) والتي بلغت مليارات الدولارات ، في خذلان معتمد للسودان لإضعاف الحكومة .
• وأخيراً جاءت الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها.
برغم كل ذلك كان الأداء الاقتصادي في الدورة السابقة ناجحاً ومعجزاً :
فقد كانت هذه الأعوام هي أعوام الطفرة في الطرق والجسور والكهرباء والسدود ، فقد شهدت ميلاد مشروع القرن سد مروي العظيم .
وقد تطورت قطاعات الاتصالات والنقل الجوي والبري ومواني البترول زادت طاقة مصفاة الخرطوم من 60 ألف برميل إلى 100 ألف برميل في اليوم وبلغ إنتاج البترول عموماً 500 ألف برميل في اليوم . وزادت موارد الموازنة العامة من 12.4 بليون جنيه تقريبا عام 2005م إلى 37.7 بليون جنيه 2008م أما الناتج القومي الإجمالي فد بلغ نهاية 2008م 121 بليون جنيه ...
وحقق الاقتصاد السوداني مع كل هذه الظروف معد نمو سنوي بلغ متوسطه 9% وتمت المحافظة علي أسعار السلع والخدمات بحيث لم يتعدى معدل التضخم 8%.
وانفتحت البلاد علي المستثمرين من الدول الشقيقة والصديقة .
وأثبت السودان قدرة إدارية جيدة في تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية .
كان ذلك ثمرة سياسة التوكل علي الله العلي القدير والاعتماد علي الذات وحفز العزائم والمهمم الوطنية وإعلاء قيم العمل والإنتاج ، قال تعالى ( وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
أهم التحديات والمشاكل التي واجهت الأداء الاقتصادي :
1/ الحصار والمقاطعة الاقتصادية من أمريكا والدول الغربية والمناخ الذي أفرزته .. هو أهم التحديات التي واجهها الاقتصاد السوداني .
2/ كذلك كان من التحديات تحدي تحقيق النمو والنهضة في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية ، والساحة وغيرها من الموارد غير البترولية.
3/ مواجهة استحقاقات التنمية والأعمار في دارفور وجنوب السودان واستحقاقات السلام الأخرى.
4/ مشكلات البطالة وتوظيف المارد البشرية العاطلة.
5/ بناء القدرات ورفع الكفاءة في إدارة الموارد.
رؤى حول مؤشرات البرنامج الاقتصادي والدور القادم للمؤتمر الوطني :
مدخل فكري :
الظرف السياسي الداخلي والخارجي وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها علي السودان تحتم علينا أن نقدم رؤى جديدة وجريئة نجتاز بها المشاكل الاقتصادية الداخلية وندرأ بها عن أنفسنا آثار الأزمات العالمية التي ترد إليها من جراء عولمة المال والاقتصاد.
إن إدارة المجتمعات لابد أن تحكمها الأخلاق والقيم السامية ، لأن مفاهيم الاستخلاف علي المال والالتزام بالضوابط الشرعية في المعاملات هي التي ستكفل لنا أن تكون نهضتنا الاقتصادية نهضة مستدامة إن شاء الله ، لا تتأثر كثيرا بصدمات وأزمات العالم الربوي ، كما إنها ستحقق أهدافنا الأخلاقية والاجتماعية لبناء المجتمع المتكافل المتعاون الذي يسعى للرفاه الدنيوي وهو ينظر إلى حياة الآخرة الأبدية، مما يكفكف غلواء مشاعر الهلع والجشع التي جبل الإنسان عليها وهو يتعامل في الأموال. هذه النظرة الأخلاقية القيمة ستجعلنا نبتعد عن تمويل الربا الذي سبب كل أزمات العالم المالية ، وعن الاقتصاد الرأسمالي الذي يحقق الربح علي حساب الفقراء . ومن ثم نستحدث وسائل تمويلية وخدمية تقوم علي صيغ أكثر عدالة مثل المشاركة والمضاربة والقرض الحسن بديلاً عن صيغ التمويل بالديون .
هذا النظر مقروء مع ما أفرزته الأزمة العالمية تجعلنا نعيد النظر في بعض المُطلقات والمُسلمات مثل سياسات فتح الباب للتجارة الخارجية وخروج الدولة من كل النشاط الاقتصادي ، والنظر إليها من خلال تقديم المصالح الراجحة ودفع المضار المترتبة ، وعليه يمكن أن تكون سياسات اقتصاديات السوق قابلة للاستثناء بتدخل الدولة بوسائل المشاركة في النشاط الاقتصادي مع القطاع الخاص أو توفير الحماية اللازمة للإنتاج الوطني حسب ما تقتضيه المصلحة . من غير تصادم مع الإطار العام السائد في العلم .
هذا المدخل للرؤية الفكرية في المرحلة القادمة ، ينبغي أن تخرج من سياسات وإجراءات عملية تعالج مشاكل واقعنا الاقتصادي وتساهم في بناء مشروعنا الاقتصادي والوطني .
الموجهات والمؤشرات الكلية :
• المحافظة علي الاستقرار الاقتصادي باعتباره هدفاً كلياً ثم تحقيقه بعد سياسات قاسية وجود مضنية ، وهو شرط لازم لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال استقرار الأسعار وتشجيع الاستثمار والثقة في مستقبل الاقتصاد ومعايير قياسه المختلفة ، ولأن التعاون الإقليمي والدولي لا يتم إلا في ظل سياسات مستقرة واقتصاد (مستقر).
• ولتحقيق هذا الهدف نتخذ كل الوسائل وأهما تنسيق السياسات المالية العامة التي تنتهجها وزارة المالية والسياسات النقدية التي نتهجها بنك السودان المركزي .
• إن هذا الاستقرار ينبغي أن يتم في ظل حراك اقتصادي يؤدي إلى المحافظة علي مستويات النمو العالية التي تخرج البلاد من الفقر وتبلغ بها مؤشرات النهضة الشاملة .
• تنويع مصادر النمو الاقتصادي المستهدف ، وعدم الاعتماد علي قطاع النفط وحدة بالرغم من أهمية تنمية قطاع النفط وزيادة مساهمته الكلية في الاقتصاد.
• ولذلك لا بد من اتخاذ سياسات تؤدي إلى تكامل وتعاضد القطاعات المختلفة لتحقيق النمو المتوازن قطاعياً وجغرافياً .
• عند وضع السياسات ينبغي أن تكون الأسئلة الحاضرة هي :
1/ كيف يمكن للبترول أن يحرك القطاعات الأخرى : الزراعة والصناعة والتشييد ؟
2/ كيف يمكن للإيرادات البترولية أن تحفز الإيرادات غير البترولية للموازنة؟
3/ كيف يمكن لقطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية أن تدعم الصناع وتنال الدعم من القطاع الصناعي ؟
4/ كيف يمكن للنظام المصرفي أن يدعم أولويات التنمية والنمو؟
5/ كيف يمكن لسياسات زيادة الادخار القومي وترشيد الاستهلاك أن تساهم في نمو القطاعات الأقل نمواً ؟
6/ كيف يمكن تشجيع الاستثمار ليذهب للمناطق الريفية والأقل نمواً بدلاً عن أن يتركز في المدن والعاصمة بصفة خاصة ؟
• إن تحقيق معدلان نمو عالية دو استهداف عدالة توزيع النمو ستؤدي إلى تباطوء النمو ستؤدي على تباطوء النمو علي المدى الطويل إضافة لإفرازاتها السياسية والاجتماعية الأخرى ، لذلك فإن عدالة توزيع النمو ينبغي أن تستهدف سياسات وبرامج مختلفة ، وأن تتم متابعتها وفقاً لمؤشرات قياس دورية ، والعدالة المطلوبة ليست فقط جغرافياً وإقليمياً وإنما علي المستوى الأفقي بين السكان .
• إعلاء قيمة الاعتبارات الاجتماعية في السياسات الاقتصادية ، مثل استهداف تخفيض البطالة ، وزيادة برامج الحد من الفقر ، واستهداف العنصر البشري تعليماً وتدريباً وتأهيلاً بما يزيد كفاءة وإنتاجية الفرد ويستوعب البطالة الظاهرة والمستترة.
• بالرغم مما تتم إنجازه في البنيات الأساسية من طرق وجسور وكهرباء واتصالات وغيرها إلا أن البون ما زال شاسعا بين ما حققنا وبين طموحنا الذي نريد ، وذلك لأن السودان بلد مترامي الأطراف متنوع في المناخات وطبائع الأرض ، وقد ظل في حفرة التخلف العميقة منذ الاستقلال ، لذلك لا بد من مضاعفة الجهد والبحث عن التمويل الداخلي والخارجي لتحقيق الأهداف لإنجاز المشاريع الكبرى ، ويهدف تحرق قطاعات المقاولات والصناعات والحرف المختلفة التي تنهض مع قطاع التشييد ، لأن هذا القطاع يستوعب عاملة واسعة ويحرك صغار ومتوسطي المستثمرين الوطنيين.
• إن إصلاح النظام المصرفي الذي نادت به قيادة المؤتمر الوطني في عدة مناسبات وخلال المؤتمرات القطاعية ، سوق الأوراق المالية ، صناديق الضمان الاجتماعي والمعاشات ، وشركات التأمين ... الخ ) وموجهات هذا الإصلاح الرئيسية هي :
1/ المحافظة علي الأهداف الكلية للبرنامج الاقتصادي وحماية الاقتصاد من أثر الصدمات الخارجية ومن الحاصر الجائر.
2/ تقوية هذه المؤسسات وحمايتها من التسيب الإداري والفساد المالي .
3/ استحداث وسائل وأدوات وحشد موارد لبرنامج النهضة الاقتصادية .
موجهات ومؤشرات القطاعات الحقيقية :
(القطاعات الإنتاجية والخدمية )
1/ إصلاح القطاع الزراعي: ( الحيواني والنباتي ) المرتبط بالتصنيع ، هو المحور الرئيسي للقطاع الإنتاجي ، ووفق لبرنامج النهضة الزراعية ، بخطط جديدة تستوعب عبر الماضي التي أثبتت أن مضاعفة الموارد المالية لهذا القطاع ليست هي وهدها شرط النهضة ، وأن كانت شرطاُ مهماً جداً ولكنه لا يعمل وحده ، بمعزل عن الإصلاح المؤسسي والتقني والبشري ، وقد فضل برنامج النهضة الزراعية هذه الرؤية التي تهدف إلى جعل الزراعة ذات عائد اقتصادي جاذب للقطاع المحلي والأجنبي .
لابد من التركيز علي قطاع الحيوان وتطوير صناعات الإنتاج الحيواني من اللحوم الحمراء والدا جنة والسمكية ومنتجات الدواجن والألبان . حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي ونخرج من مشكلة أن يستورد السودان الألبان واللحوم وهو غني بموارده الحيوانية والسمكية.
2/ القطاع الصناعي : يحتاج إلي برنامج خاص رغم ارتباطه بالقطاع الزراعي والقطاعات الأخرى لأن الصناعة تتجاوز التصنيع التحويل إلى صناعات تعدينية وأحفورية وتقنيات عالية ولأن هذا القطاع يحتاج إلى تمويلات كبيرة لابد من برنامج خاصة لجذب الاستثمارات الكبيرة.
3/ إن السعي لتنويع مصادر النمو الذي أشرنا له آنفاً ينبغي ألا يثنى عزائمنا عن مضاعفة الجهد لزيادة الإنتاج النفطي لأنه محرك رئيسي للاقتصاد ، وكان له الأثر الفعال علي النهضة الاقتصادية في البلاد خلال الأعوام السابقة وهو قطاع مهم للصناعات البتروكيماوية وللتوليد الكهرباء .
4/ تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي في التعدين لأن موارد باطن الأرض من المعادن مازالت باكراً، لابد أن تسعى الدولة لتشجيع التعدين الصغير والمتوسط لأن كثيراً من احتياطيات البلاد موزعة علي مواقع صغيرة ، ولأنه يشغل عمالة وطنية كبيرة.
5/ إنتاج الكهرباء : التوجه إلى زيادة الإنتاج الكهربائي الرخيص من الماء والغاز والفحم والطاقة النووية، كما أن الطاقات المتجددة (طاقات الشمس والرياح) طاقات مهمة لبلد مترامي الأطراف كالسودان قد لا تمتد شباك الكهرباء لكل أرجائه ، هذا مع الاستمرار في تمديد الشبكة القومية لتصل كل أرجاء السودان ، إن تخفيض أسعار الكهرباء للقطاعات الإنتاجية وتيسير توصيل التيار الكهرباء لها عامل رئيسي لتشجيع وزيادة الإنتاج وتقوية القدرة التنافسية للسودان .
6/ قطاع التشييد : قطاع يصنع البنية التحتية اللازمة ، ويوفر فرص العمل لقطاعات كبيرة من العمالة الوطنية والاستثمار الوطني ، وقد نهض هذا القطاع خلال السنوات الماضية وكان له دور مشهود في البلاد ، وينبغي أن يستمر هذا الدور من خلال استمرار الدولة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية بتوفير التمويل الخارجي والداخلي لها ، كما أن رفع كفاءة المقاول الوطني هدف رئيسي ينبغي أن تسعى له الدول بكل الوسائل ، حتى تزيد الحصة الوطنية من عوائد تنفيذ المشاريع التنموية .
7/ قطاع الخدمات : ظل هو القطاع القائد للنمو خلال العقد الماضي وينبغي أن تستمر الدولة في إصلاح السياسات التي تحفز هذا القطاع الحيوي ، إن خدمات الاتصالات والنقل والخدمات المالية والمصرفية والعلاجية والتعليمية وغيرها يجب أن يتم التوسع فيها من غير موارد الحكومة حتى لا تعجز عن الوفاء بنمو الطلب عليها، والحل هو مزيد من التشجيع للاستثمار الخاص وإزاحة كل المعوقات من أمامه. كذلك ينبغي تطوير الخدمات السياحية والثقافية كقطاعات اقتصادية فاعلة وباعتبارها حلقات للتواصل التي تدعم تماسك النسيج الاجتماعي والتواصل مع الخارج .
محركات ومحفزات النهضة الاقتصادية :
1/ الاستقرار السياسي والسلام الشامل هو الظرف اللازم لإنفاذ برنامج النهضة الاقتصادية ، والحرب والإضراب الأمني هو عدو التنمية مهما حاولنا معالجة ذلك ، وعليه فإن البرنامج السياسي للمؤتمر الوطني (الوحدة ـ السلام ـ الاستقرار) هي المحرك الأول للنهوض الاقتصادي .
2/ تفجير طاقات القطاع الخاص وحشد موارده الداخلية والخارجية مع التركيز علي تقوية القطاع الخاص الوطني بمستويات الصغيرة والمتوسطة لتقود الشراكة مع القطاع الأجنبي وتنال الحصة الكبرى من عوائد النهضة .
3/ الإصلاح المؤسسي والقانوني وسيادة حكم القانون ووضوح العلاقات بين الدولة والأفراد وبين الأفراد فيما بينهم وبين مستويات الدولة المختلفة. ويجب النظر للإصلاح المؤسسي من تطور التربية الدينية والوطنية وتزكية المجتمع من بؤر الفساد مع الاهتمام بنظم الحسبة والضبط والرقابة الإدارية والمالية في الشئون العامة وتصريف أعمال الدولة . وكذلك ينبغي أن يشمل الإصلاح المؤسسي إصلاح النظم والقوانين واللوائح الإدارية وتحديث الإجراءات الديوانية بوسائل التقنية الحديثة والتركيز علي الانضباط وتوظيف الوقت بضوابط محكمة.
4/ إن تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي كما يًلاحظ ظل يتردد عند التعرض لكل القطاعات الإنتاجية والحقيقية ، وإن تخفيف الأعباء الضريبية وزيادة الإعفاءات الجمركية لم تعد وحدها هي المحفز للاستثمار وإن كانت ضرورية ، لذلك لابد من العمل علي :
• تسهيل وتوحيد نوافذ الإجراءات عل المستثمرين .
• تخفيض الأعباء المالية من رسوم وضرائب.
• تسهيل إجراءات تسليم الأرض للمستثمرين مع الأخذ بالوسائل التي تضمن الجدية وتمنع التخصيص الحيازى للأرض من غير استغلال ، وهذا يحتاج لمعالجة العلاقة بين المركز والولايات في موضوع الأرض .
5/ رفع كفاءة العنصر البشري : إدارة وعمالة من خلال إصلاح التعليم وتوجيه التدريب وبرنامج التأهيل حتى تكون الحصة الكبرى من النمو الوطني من نصيب الفرد والمستثمر السوداني .
6/ توفير التمويل هو الذي يجعل القطاع الخاص السوداني هو القطاع الرائد في النمو والنهضة الاقتصادية ، وهو المحرك الرئيسي أيضاً للحكومة لتقوم بدورها في توفير البنيات الأساسية والخدمات ويمكن أجمال الموجهات الرئيسية لتوفير التمويل :
• زيادة موارد الموازنة من خلال المزيد من إنتاج السلع السيادية (البترول والمعادن ).
• زيادة الجهد الضريبي برفع كفاءة التحصيل وليس زيادة الأعباء علي المواطن ويكون الشعار (تخفيض الضرائب لزيادة الإيرادات ).
• تشجيع الادخار القومي من خلال إتاحة فرص ادخارية في الأوراق المالية الحكومية وفي ودائع المصارف والشركات المالية ، يتم من خلالها استخدام هذه الوفورات والادخارات في تحريك التنمية وتمويل القطاع الخاص من خلال المصارف والمؤسسات المالية .
• مواصلة أسلمة النظام المصرفي بتوسيع صيغ المشاركة والمضاربة وتقليل صيغ الديون (المرابحة والمقاولة ..الخ) وتعميق الدور الاجتماعي للنظام المصرفي والمالي.
• إحكام التنسيق المالي والنقدي بين النظامين الإسلامي ونظام الفائدة الذين يعملان في اقتصاد كلي واحد لضمان وحدة السياسات الكلية ، وتعاون المؤسسات لتحقيق الأهداف الاقتصادية القومية بالرغم من اختلاف أدوات إدارة النظم المالية والمصرفية .
• رفع كفاءة المصارف وزيادة ملاءمتها وقدرتها التمويلية .
• توفير مزيد من التمويل التنموي للقطاعات الصغيرة والأصغر ، مع إحكام التنسيق والرقابة لضمان تحقيق الأهداف التمويلية .
• تشجيع إنشاء المؤسسات المصرفية والاستثمارية والتأمينية والتوسع في شركات المساهمة العامة ، مع تقوية مؤسسات الإشراف والرقابة (البنك المركزي ، الرقابة علي التأمين ، سوق الأوراق المالية ، المراجعة والحسبة ).
• استقطاب التمويل الخارجي من المؤسسات الإقليمية والدولية والمصرفية الخارجية وتنشيط التعاون الثنائي مع الدول الصديقة (الدول العربية ، الصين ، الهند ، وماليزيا ... الخ ) ، وذلك لتوفير موارد للحكومة والقطاع الخاص والسعي لرفع الحصار والمقاطعة الغربية والأمريكية علي السودان ، مع الاستمرار في اتخاذ الوسائل اللازمة للتعامل معها في حالة استمرارها ، وكذلك لحماية الاقتصاد منها وتخفيف أثارها علي المواطن السوداني .
• يظل الاستثمار المباشر هو المورد الرئيسي لتمويل النهضة ، وعليه لابد من تحفيزه وإزالة المعوقات من أمامه .
إستراتيجية التنمية الاجتماعية والحد من الفقر ينبغي أن تكون هي العمود الذي تدور حوله السياسات الاقتصادية والثابت الذي تتغير لأجله الإجراءات والقوانين والبرامج ، ولذلك فإن الإستراتيجية القومية للحد من الفقر هي الموجه الرئيسي للبرنامج الاقتصادي للمؤتمر الوطني .
وخـتامــاً :
هذه خطوط عامة لمناقشة مقومات استكمال نهضة السودان الاقتصادية ، ويمكن أن نلخص أهم خطوطها الكلية في :
أولاً : تحريك قيم العمل والإنتاج ، واستنهاض عزائم أهل السودان لزيادة إنتاجية الفرد السوداني وزيادة كفاءته بالحفز والتدريب ... وصولاً إلى تعظيم الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية لمنتجات السودان.
ثانياً : دفع الاقتصاد السوداني نحو تعظيم الإنتاج وتعزيز الاستقرار الاقتصادي ، وتحقيق معدلات نمو عالية سنوياً .
ثالثاً : تحفيز الاستثمار وتشجيعه بتوفير التمويل للقطاع الخاص وجذب التمويل الأجنبي وتهيئة مناخ الاستثمار .
رابعاً : التوسع في تمويل مشروعات النهضة الزراعية بزيادة الإنتاج النباتي والحيواني وإنتاج الألبان وإنتاج الدواجن والثروة السمكية لتحقيق الأمن الغذائي وزيادة فرص التشغيل لقطاعات الخريجين الشباب من الجنسين .
خامساً : التوسع في مشروعات القطاع الصناعي وتكاملها مع القطاع الزراعي النباتي والحيواني ... واتخاذها كذلك مصدر للتشغيل ومعالجة البطالة .
سادساً : يظل قطاع الخدمات هو الميسر للنهضة الاقتصادية والأكثر استيعاباً للعمالة ، فيجب التوسع في خدمات الاتصالات والنقل والخدمات المالية والعلاجية والتعليمية والسياحة والخدمات الثقافية والرياضية وغيرها ، وفتحها لاستثمارات القطاع الخاص.
سابعاً : يظل التوسع في قطاع النفط ـ مع الاهتمام بالقطاعات الأخرى ـ ذو أهمية لدور الموارد النفطية في إعطاء دفعة قوية للاقتصاد في قطاعاته الأخرى .
ثامناً : إعطاء عناية خاصة لتعظيم الصادرات بتخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة التنافسية.
تاسعاً : توسيع الإيرادات العامة من خلال تخفيض الضرائب مع رفع كفاءة التحصيل وتشجيع المجتمع علي الادخار والتبرعات والصدقات وتوسيع دائرة الزكاة والأوقاف .
عاشراً : استكمال مشروعات النية التحتية في الطرق والجسور واسودود والموانئ والمطارات ومشروعات الكهرباء والري ، وتوسيع قطاع الإنشاءات والتشييد .
حادي عشر : إذا حقق اقتصادنا تعظيم الثروة فلابد أن تحقق قيمنا الأخلاقية في عدالة توزيعها وعدالة الفرص الاقتصادية وشمول عائد النهضة للجميع .
ثاني عشر : لابد أن يراعى نظامنا الاقتصادي قيمنا في الكافل ورعاية الفقراء والضعفاء والمساكين .
والله ولي التوفيق ....
مقدمة :-
ينعقد المؤتمر العام الثالث للمؤتمر الوطني في دورة انعقاده الأولي .. وقد خطا المؤتمر الوطني بالحياة السياسية السودانية خطوات معتبرة في سبيل تجاوز المشكلات السياسية الموروثة التي عانت منها البلاد .
ويطرح المؤتمر الوطني رؤاه حول القضايا السياسية المختلفة في هذه المرحلة، وبلدنا تستقبل الانتخابات العامة هوي موسم نشاط سياسي كثيف ، لتصبح مادة للحوار الوطني الواسع مساهمة منه في ترشيد الممارسة السياسية ولنرتفع جميعاً لمستوى المسئولية الوطنية في مواجهة تحديات وحدة وسلامة وأمن الوطن ، بمزيد من الإجماع الوطني علي المصالح العليا للبلاد ، والتوافق علي القضايا السياسية الأساسية بالحوار الوطني الهادي والمسئول . وذلك من خلال الحوار العميق والمستمر حول القضايا الآتية وغيرها :
1/ بنية الأحزاب والتنظيمات السياسية السودانية .
2/ الحريات .
3/ الاستقرار السياسي (الأمن والسلام والتبادل الآمن للسلطة .
4/ الانتخابات .
5/ الوحدة الوطنية .
6/ العلاقات الخارجية (أثرها علي الشأن السياسي الداخلي) .
1/ بنية الأحزاب والتنظيمات السياسية السودانية:-
البناء السياسي والتنظيمي للأحزاب واجه مشكلات داخلية تخص بنية الأحزاب والتنظيمات أفرزت نتائج سالبة علي الوطن .
أهمل المشكلات الداخلية للأحزاب السياسية :-
1/ تنامت النزاعات الجهوية داخل الأحزاب علي حساب الانتماء الحزبي والالتزام السياسي القومي حتى كادت أن تصبح هذه التكتلات داخل الحزب الواحد وكأنها منابر مستقلة داخله ، كما أفرزت لاحقاً قيام أحزاب وتنظيمات جهوية .
2/ غيار الرؤى الجامعة والمتفق عليها داخل الحزب وضبابية الفكر السياسي ودم وضوح الأهداف والمقاصد ، تسبب في الانقسامات والانشقاقات داخل الأحزاب ، وفاقم الخلاف السياسي بين الأحزاب .
3/ التكوين الداخلي للأحزاب ظل ينقصه رسوخ التقاليد الشورية والديمقراطية ، وقوة المؤسسات التي تشكل ممسكات لوحدة الحزب من حيث أنها الوسيلة للمفاضلة بين الآراء المطروحة .
4/ عانت الساحة السياسية السودانية من صراع الحكومة والمعارضة ، الذي تعدى في أحيان كثيرة الصراع السياسي المدين ، إلى الصراع العسكري المسلح الدموي .. وأصبح الاستقطاب السياسي حاداً وافتقرت العلاقات السياسية بين الأحزاب إلى الوفاق والتعايش .
5/ ضعف ممارسة السلطة وارتفاع حدة الخلافات والانقسامات في الحزب الواحد وبين الأحزاب المؤتلفة تسببت في فشل الحكومات المنتخبة وكانت سبباً مباشراً لإنجاح سيطرة القوات المسلحة علي السلطة وترحيب أهل السودان بذلك .
إذا أضفنا إلى هذه التجربة التاريخية الوضع الراهن ، وانفتاح الحياة السياسية وتسجيل (76) حزباً سياسياً ، تبدو الساحة السياسية السودانية والممارسة السياسية أكثر حاجة لممارسة سياسية راشدة تحدث الإجماع والتوافق حول القضايا الوطنية من خلال بناء حزبي متماسك ومسئول .
دورالمؤتمر الوطني في البنية السياسية والتنظيمية في السودان :-
* من المرتكزات الفكرية الأصلية للمؤتمر الوطني قناعته الراسخة بأن تدار البلاد من خلال نظام تعددي شوري ديمقراطي ينفتح للرأي والرأي الآخر.
*ويؤمن المؤتمر الوطني بأن التفويض الشعبي من خلال الانتخابات الحرة هو السبيل الوحيد للتبادل السلمي الآمن للسلطة .
وقد كانت توجهات نظام الإنقاذ الوطني منذ البداية تسير في هذا الاتجاه لتهيئة الساحة السياسية لإقامة نظام تعددي ومشاركة سياسية لكل الأحزاب أساسها حرية العمل السياسي ، وندلل علي ذلك من خلال مسيرة نظام الإنقاذ والمؤتمر الوطني التاريخية التالية :
أولاً : مؤتمر الحوار السياسي (1990م) :
انفتح نظام الإنقاذ منذ أول ميلاده علي الساحة السودانية بكل تنظيماتها بمؤتمرات الحوار الوطني التي غطت كل القضايا الوطنية ، والتي لم تستثني أحداً من القوى السياسية والاجتماعية . وكان من بين هذه المؤتمرات مؤتمر الحوار السياسي ... وقد سعى المؤتمر لإيجاد القواسم المشتركة للعمل السياسي الوطني ... وقواعد قيام الأحزاب وكيفية الحصول علي ممارسة سياسية راشدة لمصلحة الوطن ، وكيف تكون الأحزاب أوعية قومية تعبر عن كل السودان .
ثانياً : الانفتاح علي القوى السياسية المعارضة :-
قاد المؤتمر الوطني الحوار والتفاوض مبكراً مع القوى المعارضة حتى التي حملت السلاح وحاربت نظام الإنقاذ .. إلى أن حقق اتفاق سلام الجنوب ، واتفاقية القاهرة مع تجمع المعارضة ، واتفاق الشرق ، والاتفاق مع حزب الأمة المعارض ، ثم اتفاق سلام دارفور واستيعاب الحركات المسلحة ، وقد شملت حوارات المؤتمر الوطني بعد السلام كل الأحزاب السياسية بلا استثناء .
ثالثاً : فتح المشاركة السياسية مع الحكومة :-
قاد المؤتمر الوطني مبادرة المشاركة في السلطة .. من خلال حكومة البرنامج الوطني التي حققت اتفاقية السلام الشامل في الجنوب ، وحكومة الوحدة الوطنية التي اتسعت لتشمل الحركة الشعبية والتجمع المعارض وجبهة الشرق ومُوقعي سلام دارفور بأبوجا.
رابعاً : تجربة المؤتمر الوطني التنظيمية في البناء السياسي :
وعلي صعيده الداخلي قدم المؤتمر الوطني تجربة تنظيمية وسياسية رائدة للبناء السياسي :
* فقد أسس المؤتمر الوطني تنظيماً سياسياً انفتحت عضويته لكل أقاليم السودان وامتد بنيانه في الغرب والشرق والجنوب والشمال والوسط وانتشرت قواعده في القرى والفرقان .
* بني المؤتمر الوطني مؤسسات تنظيمية علي الشورى من مؤتمرات الأساس إلى المناطق فالولايات فالمستوى القومي بالإضافة إلى مؤتمرات القطاعات الوظيفية ( السياسي ـ الاجتماعي ـ الثقافي ـ الاقتصادي ) والقطاعات الفئوية (مرأة ـ شباب ـ طلاب ) وكانت مؤسساته فاعلة استوعبت أعداداً كبيرة من القيادات انتظمت في دورات انعقادها مما رسخ الممارسة السياسية الشورية .
* وعلي صعيد الطرح الفكري السياسي والبرنامج السياسي حرك المؤتمر الوطني الدوافع الدينية والوطنية لشحذ الهمم وإطلاق الطاقات . حتى لا يكون حزباً للتنظير السياسي المترف الذي لا ينفع الناس ... بل كان فكر المؤتمر الوطني ملحمة وطنية للعمل والإنتاج وإقامة مشاريع التنمية والخدمات وإنجاز نهضة الوطن . فالجانب الفكري والبرامجي للمؤتمر الوطني كان برنامج عمل تطبيقي يقوم علي تفجير طاقات المواطنين من خلال العملية السياسية ، وتوجيههم موحدين متضامنين للإنتاج.
سادساً : استكمال البنية السياسية للسودان (بناء الأحزاب) :
* ساهم المؤتمر الوطني مع القوى السياسية المختلفة في إجازة قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وتكوين مفوضية الانتخابات ومجلس الأحزاب .
* وبرنامج المؤتمر الوطني للدورة الجديدة هو المساهمة في بناء سياسي تعددي متماسك يتعاون علي إدارة البلاد وإنجاز المهام الوطنية ... ومن خلال هذا البرنامج ينفتح المؤتمر الوطني علي كل الأحزاب السياسية للتعايش في إطار الوطن الواحد أو لتبادل التجارب وللتوافق والتحالف السياسي لمصلحة الوطن .
2/ الحريات
الحريات أهم مطلوبات الممارسة السياسية الراشدة ، وهي كذلك أهم مقومات الإصلاح السياسي في السودان .
والمؤتمر الوطني يؤكد بصورة قاطعة إيمانه المبدئي بالحرية ، فالحرية أحد مبادئه الفكرية المرتبطة بمرتكزاته الدينية والوطنية ، فمن المنظور الديني الحرية أصل ديني وهي هبة من الله للإنسان لا ينتزعها منه أحمد إلا ظلم وأثم .
ومن المنظر الوطني الحرية أصل في الممارسة العامة تُطلق طاقات المواطنين للبناء والإعمار ، ولا قيد علي حرية الأفراد والتنظيمات إلا بحدود حرمان الآخرين ومصلحة الوطن وقيم المجتمع ، وفي حدود القانون.
وعملياً :
* يؤكد المؤتمر الوطني علي حرية التنظيم والممارسة السياسية .
* حرية التعبير والنشر .
* ويلتزم برنامج المؤتمر الوطني بالحوار البناء مع القوى السياسية كافة لإزالة كافة القيود علي حرية العمل السياسي ، وتهيئة المناخ لممارسة سياسية حرة .
3/ الانتخــابات
التهيئة للانتخابات :
* يعتبر المؤتمر الوطني إجراء الانتخابات العامة في موعدها الذي تحدده مفوضية الانتخابات أمر مبدئي واجب النفاذ، واستحقاق أساسي من استحقاقات اتفاقية السلام الشامل .
* يعتبر المؤتمر الوطني الانتخابات العامة أساسية لاستكمال التحول الديمقراطي وتحديد أوزان القوى السياسية، وهي تنقل البلد إلى مرحلة جديدة تستمد مشروعيتها من تفويض الشعب ... بدلاً عن مشروعية الاتفاقية والدستور الانتقالي ، دون تجاوز للتجربة أو تقليل من شأنها.
* ويسعى المؤتمر الوطني مع القوى السياسية الأخرى لبناء قاعدة عريضة من التوافق حول إجراء الانتخابات وفقاً للأسس والمعايير والقوانين واللوائح المنظمة لها، وضمان المشاركة الواسعة للأحزاب فيها.
* تحتاج الانتخابات كذلك لتوافق وطني واسع واتفاق علي الضمانات اللازمة لنزاهة الانتخابات وشفافيتها وذلك باتفاق كل الشركاء علي رقابة دولية ومحلية محايدة.
* لابد لكل القوى السياسية القبول بالرجوع لأهل السودان لأخذ التفويض من خلال انتخابات حرة ونزيهة ، ويلزم القبول بنتائج الانتخابات لأنها رأي الشعب ، لتضمن التبادل السلمي للسلطة .
استكمال العملية السلمية في دارفور :
بعض القوى السياسية غير الراغبة في الانتخابات ، وبعض القوى الخارجية المتخوفة من نتائج الانتخابات تعتذر بالأوضاع في دارفور لتعويق قيام الانتخابات ، وهذه الحجج مردودة بالأمر الواقع :
فالواقع علي الأرض في دارفور قد توحل من مناخ وثقافة الحرب إلى مناخ وثقافة السلام ، فالحرب في دارفور انتهت علي الأرض وليس أدل علي ذلك من شهادة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي رودلف ادادا ، وقائد القوات الأفريقية والأممية في دارفور إذ أكد أن العنف في دارفور قد انخفض والحرب قد انتهت ولم تبق إلا مظاهر الجريمة المنظمة.
والعمل السياسي الذي قام به المؤتمر الوطني في دارفور بعقد آلاف مؤتمرات الأساس في القرى والفرقان والتي غطت أكثر من 95% من دارفور يدحض مزاعم الهاربين من الانتخابات .
والأمر يستدعى تضافر الجهد الوطني لاستكمال العملية السلمية في دارفور وهو ما سيلتزم به المؤتمر الوطني وذلك عن طريق :
* الاستمرار في بسط الأمن في دارفور.
* إكمال عمليات العودة الطوعية للنازحين إلى قراهم .
* توفير بيئة مناسبة للنازحين الذين يرغبون في الاستقرار في المناطق التي نزحوا إليها واستيعابهم في خطط إسكانية.
* أعمال مبدأ التعويضات وفق ما اتفق عليه في مبادرة أهل السودان.
* أكمال المصالحات ومؤتمرات رتق النسيج الاجتماعي.
* استكمال مسار التفاوض بالدوحة لإكمال الحل السياسي.
4/ الاستقرار السياسي
بوابة الاستقرار السياسي للوطن ، هي التوافق وتماسك الجبهة الداخلية. ولن يتم الاستقرار السياسي دون إحراز تقدم مهم في عملية البناء الوطني من خلال:
أولاً : استعادة تماسك المجتمع وإكمال المصالحة الاجتماعية الشاملة وتجاوز النزاعات القبلية والعرقية.
ثانياً : من المهم أن تتراجع الاتجاهات الجهوية والعرقية لمصلحة الانتماء القومي الوني الأرفع .
ثالثاً : أن تتجاوز الأحزاب والمنظمات السياسية مرارات الماضي ، وتدير فيما بينها حواراً وطنياً مخلصا يعلى المصالح الوطنية علي الصراعات الحزبية.
رابعاً : أن يقوم الحكم علي الشراكة الواسعة ومبدأ المساهمة في البناء الوطني من داخل الحكومة أو من خارجها.
خامساً : الاستمرار في بناء قاعدة الحكم الراشد :
* تأسيس قواعد العدل.
* صيانة الحقوق.
* إحداث التوازن في التنمية والخدمات بين المناطق وتحسين معاش الناس.
* توفير الأمن.
* سيادة حكم القانون.
* كفاءة النظم وتطوير العمل المؤسسي.
5/ الوحدة الوطنية
علي الرغم من عدالة حق تقرير المصير لمواطني جنوب السودان ، كاستحقاق من استحقاقات السلام ، إلا أنه اختبار عسير للممارسة السياسية السودانية يضع القوى السياسية جميعاً أمام امتحان وحدة الوطن .
إن ما تحقق من إيقاف نزيف الحرب ، وبناء المؤسسات السياسية والتشريعية ووضع أسس لاقتسام الثروة والسلطة ، وبسط الحريات وتهيئة المناخ العام لانتخابات حرة ونزيهة تضمن تفويض شعبي يضع البلاد في مناخ شوري ديمقراطي حر .. يقطع الطريق أمام دعاة الانفصال وحججهم.
كل هذه الأمور تقف أسباباً كافية تلزم القوى السياسية جميعاً في حكومة الوحدة الوطنية أو خارجها ، في الشمال أو في الجنوب بواجب العمل لصيانة وحدة الوطن أرضاً وشعباً .
والمؤتمر الوطني يؤكد أن خطه السياسي وبرنامجه العلمي هو صيانة الوحدة الوطنية ، ويقوم علي :-
* تنشيط مكاتب المؤتمر الوطني في الجنوب وعناصره القيادية في الشمال والجنوب لقيادة حملة واسعة للتبشير بالوحدة الوطنية .
* إشراك كل القوى السياسية الشمالية والجنوبية ودعوتها للتبشير بخيار الوحدة.
* تفعيل صندوق دعم الوحدة ورفده بالموارد الكافية.
* التواصل مع القوى الإقليمية والدولية والتنبيه إلى مخاطر الانفصال ومآلاته . وسيعمل المؤتمر الوطني عي أن تنفتح الساحة السياسية في الجنوب بحرية لكل المواطنين في جنوب الوطن وقواهم السياسية .. في مناخ حر ومعافى من الإكراه والتضييق علي اختيار المواطنين.. ليأتي الاستفتاء معبراً بحق عن إرادة حرة لمواطنينا في جنوب الوطن ، وسوف يعمل المؤتمر الوطني علي تهيئة المناخ للأخوة الجنوبيين في الولايات الشمالية للمشاركة في الاستفتاء.
* ويبدو واضحاً أنه ومن خلال معطيات الواقع السياسي لا مصلحة للسودان وتطوره في غير وحدته وتماسكه.. وأن انقسام الوطن ستولد عنه كيانات ضعيفة ومنهارة وسائغة لأن تبتلها القوى الكبرى في إطار صراع المصالح ، مما يجب العمل بهمة من الجميع لصيانة الوحدة.
6/ الأثر الخارجي علي البنية السياسية السودانية
* العلاقات الدولية تحكمها المصالح وموازين القوى ، وفي الآونة الأخيرة بعد انتهاء الحرب الباردة وظهور القطبية الأحادية ، تطورت معادلة المصالح لدى الدول الكبرى بدرجة حادة بلغت حد التدخلات العسكرية المباشرة لحماية مصالحها.
* وفي ضوء ذلك ، دوماً يكون أثر التدخلات الأجنبية علي البنية السياسية للدولة في أحزابها ومنظماتها أثر سالب قطعاً ، ولا يخدم إلا مصالح تلك الدول.
* أما انفتاح الدولة علي العلاقات الخارجية وفق رؤاها ومصالحها فهو أمر محمود.
المؤتمر الوطني والتدخلات الخارجية :
* يتبنى المؤتمر الوطني سياسة خارجية موضوعية منفتحة وشجاعة.
* تقوم هذه السياسة علي حرية الإرادة واستقلال القرار.
* وتقوم كذلك علي صيانة السيادة الوطنية وحفظ موارد البلاد من أن تُغتصب.
* وتقوم كذلك علي تبادل المنافع والمصالح مع الدول .
* أما تدخل الدول الكبرى لتوجيه الإرادة الوطنية والتحكم في اختياراتها بالتخويف وبالترغيب فأمر مرفوض لأنه مضر بالمصالح العليا للوطن ويحيل القوى السياسية إلى قوى مرهونة الإرادة للأجانب وغير جديرة بتمثيل الشعب وغير مؤتمنة علي مقدرات الوطن.
* وفي ضوء هذه المعطيات ، فمن مصلحة السودان أن يعمر علاقاته مع جواره الأفريقي ، فقد كسبت السياسة الخارجية السودانية كثيراً في معركة المحكمة الجنائية عندما كسبت موقف الاتحاد الأفريقي ومؤسساته . كذلك المنظمات الإقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة الـ77 + الصين.
* ويستفيد السودان كثيراً عندما يشكل حضوراً فعالاً في الساحة الدولية والساحات الإقليمية ويناصر القضايا العادلة ويناصر المستضعفين، ويدعو لعالم تسوده قيم الحق والعدل وينتفي فيه الظلم والعدوان.
والله الموفق ....
ورقة الاقتصاد والمجتمع
مقدمة :-
تنعقد الدورة الثالثة للمؤتمر العام للمؤتمر الوطني في دورة انعقاده الأولى وقد سبقتها في مجال الاقتصاد مؤتمرات القطاع الاقتصادي علي مستوى الولايات والمستوى القومي ، تدارست هذه المؤتمرات مقومات نهضتنا الاقتصادية في قطاعات الاقتصاد المختلفة وأصدرت توصياتها بشأنها.
هذه الورقة استوعبت اتجاهات النقاش في كل هذه المؤتمرات وتوصياتها ، مستهدية بالإستراتيجية ربع القرنية ، والخطة الخماسية الأولى من الإستراتيجية وأوضاع الاقتصاد العالمي وانعكاساتها علي الوضع الداخلي ، لتضع مؤشرات لنقاش في المؤتمر العام، إن مسيرة الاقتصاد السوداني منذ انطلاقتها في نهاية الثمانينات وبدية التسعينات من القرن الماضي ... مسيرة تستوجب من الشعب السوداني كافة :
أولاً : الحمد والشكر لله تعالى علي النقلة الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي حدثت ... فالتغيير الجذري الذي حدث في واقع البلاد الاقتصادي ظاهر للعيان ، فقد شهدت علي تقدم الاقتصاد السوداني ونموه ، المؤسسات الدولية الاقتصادية المعتبرة العدو والصديقة ، قال تعالى ( لن شكرتم لأزيدنكم ) .
ثانياً : إن ما حققه السودان من نمو اقتصادي ... لابد أن يشكل حافزاُ قوياً لتحريك الطاقات شحذ الهمم للعمل الجاد من كافة قطاعات المجتمع لاستكمال إنجاز النهضة الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
فأهل السودان يذكرون جيداً الضيق والعنت الذي كنا فيه في كل مجالات الحياة ، عنت في الغذاء ، وشح في الوقود والكهرباء ، وتخلف في التنمية والخدمات ، فاقتصادنا كان سالب النمو ومواردنا المالية سجلت عجزاً كبيراً ، ومواردنا الطبيعية في البترول والمعادن كانت عاطلة وعاني السودان كثيراً من استيراد الحبوب الغذائية والبترول . إن ما حدث في الاقتصاد السوداني من نمو وتقدم في مشروعات البنية التحية وإنتاج البترول وتصديره ، وفي الطاقة والصناعة وخدمات التعليم والصحة والاتصالات ، أمور أشبه بالمعجزات ... وإذا قرأنا ذلك كله مع أجواء الحرب والحصار والمقاطعة الاقتصادية من دول الغرب .. لوجدنا أن أهل السودان كانوا كمن يحفر بأظافره في الصخر ، ولادركنا أن الذي تحقق ما كان له أن يتحقق دون توفيق الله تعالي ثم العزائم والطاقات والجهد الذي بذل.
الأداء الاقتصادي في مدى الدورة الماضية :
ولنجعل مدخلنا إلى الدورة الجديدة تقوم كلى للأداء الاقتصادي في الدورة السابقة ، وهي سنوات سماتها الخاصة :
• في سنوات كانت ضمن حكومة الوحدة الوطنية التي تحمل استحقاقات سلام الجنوب حيث شهدت الفترة تحويل 45% من موازنة الدولة لحكومة الجنوب .
• وشهدت هذه الأعوام تحريك الدول الكبرى للحرب في دارفور وتصعيدها في المؤسسات الدولية للتحول هي الأخرى إلى عبء أمني يستنزف ويبدد موارد الحكومة القومية .
• واشتدت كذلك المقاطعة والحصار الاقتصادي من الدول الغربية علي السودان.
• ثم تنصلت الدول الكبرى المانحة من كل تعهداتها المالية التي قطعتها لدعم السلام في أسلو(1) و(2) والتي بلغت مليارات الدولارات ، في خذلان معتمد للسودان لإضعاف الحكومة .
• وأخيراً جاءت الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها.
برغم كل ذلك كان الأداء الاقتصادي في الدورة السابقة ناجحاً ومعجزاً :
فقد كانت هذه الأعوام هي أعوام الطفرة في الطرق والجسور والكهرباء والسدود ، فقد شهدت ميلاد مشروع القرن سد مروي العظيم .
وقد تطورت قطاعات الاتصالات والنقل الجوي والبري ومواني البترول زادت طاقة مصفاة الخرطوم من 60 ألف برميل إلى 100 ألف برميل في اليوم وبلغ إنتاج البترول عموماً 500 ألف برميل في اليوم . وزادت موارد الموازنة العامة من 12.4 بليون جنيه تقريبا عام 2005م إلى 37.7 بليون جنيه 2008م أما الناتج القومي الإجمالي فد بلغ نهاية 2008م 121 بليون جنيه ...
وحقق الاقتصاد السوداني مع كل هذه الظروف معد نمو سنوي بلغ متوسطه 9% وتمت المحافظة علي أسعار السلع والخدمات بحيث لم يتعدى معدل التضخم 8%.
وانفتحت البلاد علي المستثمرين من الدول الشقيقة والصديقة .
وأثبت السودان قدرة إدارية جيدة في تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية .
كان ذلك ثمرة سياسة التوكل علي الله العلي القدير والاعتماد علي الذات وحفز العزائم والمهمم الوطنية وإعلاء قيم العمل والإنتاج ، قال تعالى ( وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
أهم التحديات والمشاكل التي واجهت الأداء الاقتصادي :
1/ الحصار والمقاطعة الاقتصادية من أمريكا والدول الغربية والمناخ الذي أفرزته .. هو أهم التحديات التي واجهها الاقتصاد السوداني .
2/ كذلك كان من التحديات تحدي تحقيق النمو والنهضة في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية ، والساحة وغيرها من الموارد غير البترولية.
3/ مواجهة استحقاقات التنمية والأعمار في دارفور وجنوب السودان واستحقاقات السلام الأخرى.
4/ مشكلات البطالة وتوظيف المارد البشرية العاطلة.
5/ بناء القدرات ورفع الكفاءة في إدارة الموارد.
رؤى حول مؤشرات البرنامج الاقتصادي والدور القادم للمؤتمر الوطني :
مدخل فكري :
الظرف السياسي الداخلي والخارجي وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها علي السودان تحتم علينا أن نقدم رؤى جديدة وجريئة نجتاز بها المشاكل الاقتصادية الداخلية وندرأ بها عن أنفسنا آثار الأزمات العالمية التي ترد إليها من جراء عولمة المال والاقتصاد.
إن إدارة المجتمعات لابد أن تحكمها الأخلاق والقيم السامية ، لأن مفاهيم الاستخلاف علي المال والالتزام بالضوابط الشرعية في المعاملات هي التي ستكفل لنا أن تكون نهضتنا الاقتصادية نهضة مستدامة إن شاء الله ، لا تتأثر كثيرا بصدمات وأزمات العالم الربوي ، كما إنها ستحقق أهدافنا الأخلاقية والاجتماعية لبناء المجتمع المتكافل المتعاون الذي يسعى للرفاه الدنيوي وهو ينظر إلى حياة الآخرة الأبدية، مما يكفكف غلواء مشاعر الهلع والجشع التي جبل الإنسان عليها وهو يتعامل في الأموال. هذه النظرة الأخلاقية القيمة ستجعلنا نبتعد عن تمويل الربا الذي سبب كل أزمات العالم المالية ، وعن الاقتصاد الرأسمالي الذي يحقق الربح علي حساب الفقراء . ومن ثم نستحدث وسائل تمويلية وخدمية تقوم علي صيغ أكثر عدالة مثل المشاركة والمضاربة والقرض الحسن بديلاً عن صيغ التمويل بالديون .
هذا النظر مقروء مع ما أفرزته الأزمة العالمية تجعلنا نعيد النظر في بعض المُطلقات والمُسلمات مثل سياسات فتح الباب للتجارة الخارجية وخروج الدولة من كل النشاط الاقتصادي ، والنظر إليها من خلال تقديم المصالح الراجحة ودفع المضار المترتبة ، وعليه يمكن أن تكون سياسات اقتصاديات السوق قابلة للاستثناء بتدخل الدولة بوسائل المشاركة في النشاط الاقتصادي مع القطاع الخاص أو توفير الحماية اللازمة للإنتاج الوطني حسب ما تقتضيه المصلحة . من غير تصادم مع الإطار العام السائد في العلم .
هذا المدخل للرؤية الفكرية في المرحلة القادمة ، ينبغي أن تخرج من سياسات وإجراءات عملية تعالج مشاكل واقعنا الاقتصادي وتساهم في بناء مشروعنا الاقتصادي والوطني .
الموجهات والمؤشرات الكلية :
• المحافظة علي الاستقرار الاقتصادي باعتباره هدفاً كلياً ثم تحقيقه بعد سياسات قاسية وجود مضنية ، وهو شرط لازم لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال استقرار الأسعار وتشجيع الاستثمار والثقة في مستقبل الاقتصاد ومعايير قياسه المختلفة ، ولأن التعاون الإقليمي والدولي لا يتم إلا في ظل سياسات مستقرة واقتصاد (مستقر).
• ولتحقيق هذا الهدف نتخذ كل الوسائل وأهما تنسيق السياسات المالية العامة التي تنتهجها وزارة المالية والسياسات النقدية التي نتهجها بنك السودان المركزي .
• إن هذا الاستقرار ينبغي أن يتم في ظل حراك اقتصادي يؤدي إلى المحافظة علي مستويات النمو العالية التي تخرج البلاد من الفقر وتبلغ بها مؤشرات النهضة الشاملة .
• تنويع مصادر النمو الاقتصادي المستهدف ، وعدم الاعتماد علي قطاع النفط وحدة بالرغم من أهمية تنمية قطاع النفط وزيادة مساهمته الكلية في الاقتصاد.
• ولذلك لا بد من اتخاذ سياسات تؤدي إلى تكامل وتعاضد القطاعات المختلفة لتحقيق النمو المتوازن قطاعياً وجغرافياً .
• عند وضع السياسات ينبغي أن تكون الأسئلة الحاضرة هي :
1/ كيف يمكن للبترول أن يحرك القطاعات الأخرى : الزراعة والصناعة والتشييد ؟
2/ كيف يمكن للإيرادات البترولية أن تحفز الإيرادات غير البترولية للموازنة؟
3/ كيف يمكن لقطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية أن تدعم الصناع وتنال الدعم من القطاع الصناعي ؟
4/ كيف يمكن للنظام المصرفي أن يدعم أولويات التنمية والنمو؟
5/ كيف يمكن لسياسات زيادة الادخار القومي وترشيد الاستهلاك أن تساهم في نمو القطاعات الأقل نمواً ؟
6/ كيف يمكن تشجيع الاستثمار ليذهب للمناطق الريفية والأقل نمواً بدلاً عن أن يتركز في المدن والعاصمة بصفة خاصة ؟
• إن تحقيق معدلان نمو عالية دو استهداف عدالة توزيع النمو ستؤدي إلى تباطوء النمو ستؤدي على تباطوء النمو علي المدى الطويل إضافة لإفرازاتها السياسية والاجتماعية الأخرى ، لذلك فإن عدالة توزيع النمو ينبغي أن تستهدف سياسات وبرامج مختلفة ، وأن تتم متابعتها وفقاً لمؤشرات قياس دورية ، والعدالة المطلوبة ليست فقط جغرافياً وإقليمياً وإنما علي المستوى الأفقي بين السكان .
• إعلاء قيمة الاعتبارات الاجتماعية في السياسات الاقتصادية ، مثل استهداف تخفيض البطالة ، وزيادة برامج الحد من الفقر ، واستهداف العنصر البشري تعليماً وتدريباً وتأهيلاً بما يزيد كفاءة وإنتاجية الفرد ويستوعب البطالة الظاهرة والمستترة.
• بالرغم مما تتم إنجازه في البنيات الأساسية من طرق وجسور وكهرباء واتصالات وغيرها إلا أن البون ما زال شاسعا بين ما حققنا وبين طموحنا الذي نريد ، وذلك لأن السودان بلد مترامي الأطراف متنوع في المناخات وطبائع الأرض ، وقد ظل في حفرة التخلف العميقة منذ الاستقلال ، لذلك لا بد من مضاعفة الجهد والبحث عن التمويل الداخلي والخارجي لتحقيق الأهداف لإنجاز المشاريع الكبرى ، ويهدف تحرق قطاعات المقاولات والصناعات والحرف المختلفة التي تنهض مع قطاع التشييد ، لأن هذا القطاع يستوعب عاملة واسعة ويحرك صغار ومتوسطي المستثمرين الوطنيين.
• إن إصلاح النظام المصرفي الذي نادت به قيادة المؤتمر الوطني في عدة مناسبات وخلال المؤتمرات القطاعية ، سوق الأوراق المالية ، صناديق الضمان الاجتماعي والمعاشات ، وشركات التأمين ... الخ ) وموجهات هذا الإصلاح الرئيسية هي :
1/ المحافظة علي الأهداف الكلية للبرنامج الاقتصادي وحماية الاقتصاد من أثر الصدمات الخارجية ومن الحاصر الجائر.
2/ تقوية هذه المؤسسات وحمايتها من التسيب الإداري والفساد المالي .
3/ استحداث وسائل وأدوات وحشد موارد لبرنامج النهضة الاقتصادية .
موجهات ومؤشرات القطاعات الحقيقية :
(القطاعات الإنتاجية والخدمية )
1/ إصلاح القطاع الزراعي: ( الحيواني والنباتي ) المرتبط بالتصنيع ، هو المحور الرئيسي للقطاع الإنتاجي ، ووفق لبرنامج النهضة الزراعية ، بخطط جديدة تستوعب عبر الماضي التي أثبتت أن مضاعفة الموارد المالية لهذا القطاع ليست هي وهدها شرط النهضة ، وأن كانت شرطاُ مهماً جداً ولكنه لا يعمل وحده ، بمعزل عن الإصلاح المؤسسي والتقني والبشري ، وقد فضل برنامج النهضة الزراعية هذه الرؤية التي تهدف إلى جعل الزراعة ذات عائد اقتصادي جاذب للقطاع المحلي والأجنبي .
لابد من التركيز علي قطاع الحيوان وتطوير صناعات الإنتاج الحيواني من اللحوم الحمراء والدا جنة والسمكية ومنتجات الدواجن والألبان . حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي ونخرج من مشكلة أن يستورد السودان الألبان واللحوم وهو غني بموارده الحيوانية والسمكية.
2/ القطاع الصناعي : يحتاج إلي برنامج خاص رغم ارتباطه بالقطاع الزراعي والقطاعات الأخرى لأن الصناعة تتجاوز التصنيع التحويل إلى صناعات تعدينية وأحفورية وتقنيات عالية ولأن هذا القطاع يحتاج إلى تمويلات كبيرة لابد من برنامج خاصة لجذب الاستثمارات الكبيرة.
3/ إن السعي لتنويع مصادر النمو الذي أشرنا له آنفاً ينبغي ألا يثنى عزائمنا عن مضاعفة الجهد لزيادة الإنتاج النفطي لأنه محرك رئيسي للاقتصاد ، وكان له الأثر الفعال علي النهضة الاقتصادية في البلاد خلال الأعوام السابقة وهو قطاع مهم للصناعات البتروكيماوية وللتوليد الكهرباء .
4/ تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي في التعدين لأن موارد باطن الأرض من المعادن مازالت باكراً، لابد أن تسعى الدولة لتشجيع التعدين الصغير والمتوسط لأن كثيراً من احتياطيات البلاد موزعة علي مواقع صغيرة ، ولأنه يشغل عمالة وطنية كبيرة.
5/ إنتاج الكهرباء : التوجه إلى زيادة الإنتاج الكهربائي الرخيص من الماء والغاز والفحم والطاقة النووية، كما أن الطاقات المتجددة (طاقات الشمس والرياح) طاقات مهمة لبلد مترامي الأطراف كالسودان قد لا تمتد شباك الكهرباء لكل أرجائه ، هذا مع الاستمرار في تمديد الشبكة القومية لتصل كل أرجاء السودان ، إن تخفيض أسعار الكهرباء للقطاعات الإنتاجية وتيسير توصيل التيار الكهرباء لها عامل رئيسي لتشجيع وزيادة الإنتاج وتقوية القدرة التنافسية للسودان .
6/ قطاع التشييد : قطاع يصنع البنية التحتية اللازمة ، ويوفر فرص العمل لقطاعات كبيرة من العمالة الوطنية والاستثمار الوطني ، وقد نهض هذا القطاع خلال السنوات الماضية وكان له دور مشهود في البلاد ، وينبغي أن يستمر هذا الدور من خلال استمرار الدولة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية بتوفير التمويل الخارجي والداخلي لها ، كما أن رفع كفاءة المقاول الوطني هدف رئيسي ينبغي أن تسعى له الدول بكل الوسائل ، حتى تزيد الحصة الوطنية من عوائد تنفيذ المشاريع التنموية .
7/ قطاع الخدمات : ظل هو القطاع القائد للنمو خلال العقد الماضي وينبغي أن تستمر الدولة في إصلاح السياسات التي تحفز هذا القطاع الحيوي ، إن خدمات الاتصالات والنقل والخدمات المالية والمصرفية والعلاجية والتعليمية وغيرها يجب أن يتم التوسع فيها من غير موارد الحكومة حتى لا تعجز عن الوفاء بنمو الطلب عليها، والحل هو مزيد من التشجيع للاستثمار الخاص وإزاحة كل المعوقات من أمامه. كذلك ينبغي تطوير الخدمات السياحية والثقافية كقطاعات اقتصادية فاعلة وباعتبارها حلقات للتواصل التي تدعم تماسك النسيج الاجتماعي والتواصل مع الخارج .
محركات ومحفزات النهضة الاقتصادية :
1/ الاستقرار السياسي والسلام الشامل هو الظرف اللازم لإنفاذ برنامج النهضة الاقتصادية ، والحرب والإضراب الأمني هو عدو التنمية مهما حاولنا معالجة ذلك ، وعليه فإن البرنامج السياسي للمؤتمر الوطني (الوحدة ـ السلام ـ الاستقرار) هي المحرك الأول للنهوض الاقتصادي .
2/ تفجير طاقات القطاع الخاص وحشد موارده الداخلية والخارجية مع التركيز علي تقوية القطاع الخاص الوطني بمستويات الصغيرة والمتوسطة لتقود الشراكة مع القطاع الأجنبي وتنال الحصة الكبرى من عوائد النهضة .
3/ الإصلاح المؤسسي والقانوني وسيادة حكم القانون ووضوح العلاقات بين الدولة والأفراد وبين الأفراد فيما بينهم وبين مستويات الدولة المختلفة. ويجب النظر للإصلاح المؤسسي من تطور التربية الدينية والوطنية وتزكية المجتمع من بؤر الفساد مع الاهتمام بنظم الحسبة والضبط والرقابة الإدارية والمالية في الشئون العامة وتصريف أعمال الدولة . وكذلك ينبغي أن يشمل الإصلاح المؤسسي إصلاح النظم والقوانين واللوائح الإدارية وتحديث الإجراءات الديوانية بوسائل التقنية الحديثة والتركيز علي الانضباط وتوظيف الوقت بضوابط محكمة.
4/ إن تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي كما يًلاحظ ظل يتردد عند التعرض لكل القطاعات الإنتاجية والحقيقية ، وإن تخفيف الأعباء الضريبية وزيادة الإعفاءات الجمركية لم تعد وحدها هي المحفز للاستثمار وإن كانت ضرورية ، لذلك لابد من العمل علي :
• تسهيل وتوحيد نوافذ الإجراءات عل المستثمرين .
• تخفيض الأعباء المالية من رسوم وضرائب.
• تسهيل إجراءات تسليم الأرض للمستثمرين مع الأخذ بالوسائل التي تضمن الجدية وتمنع التخصيص الحيازى للأرض من غير استغلال ، وهذا يحتاج لمعالجة العلاقة بين المركز والولايات في موضوع الأرض .
5/ رفع كفاءة العنصر البشري : إدارة وعمالة من خلال إصلاح التعليم وتوجيه التدريب وبرنامج التأهيل حتى تكون الحصة الكبرى من النمو الوطني من نصيب الفرد والمستثمر السوداني .
6/ توفير التمويل هو الذي يجعل القطاع الخاص السوداني هو القطاع الرائد في النمو والنهضة الاقتصادية ، وهو المحرك الرئيسي أيضاً للحكومة لتقوم بدورها في توفير البنيات الأساسية والخدمات ويمكن أجمال الموجهات الرئيسية لتوفير التمويل :
• زيادة موارد الموازنة من خلال المزيد من إنتاج السلع السيادية (البترول والمعادن ).
• زيادة الجهد الضريبي برفع كفاءة التحصيل وليس زيادة الأعباء علي المواطن ويكون الشعار (تخفيض الضرائب لزيادة الإيرادات ).
• تشجيع الادخار القومي من خلال إتاحة فرص ادخارية في الأوراق المالية الحكومية وفي ودائع المصارف والشركات المالية ، يتم من خلالها استخدام هذه الوفورات والادخارات في تحريك التنمية وتمويل القطاع الخاص من خلال المصارف والمؤسسات المالية .
• مواصلة أسلمة النظام المصرفي بتوسيع صيغ المشاركة والمضاربة وتقليل صيغ الديون (المرابحة والمقاولة ..الخ) وتعميق الدور الاجتماعي للنظام المصرفي والمالي.
• إحكام التنسيق المالي والنقدي بين النظامين الإسلامي ونظام الفائدة الذين يعملان في اقتصاد كلي واحد لضمان وحدة السياسات الكلية ، وتعاون المؤسسات لتحقيق الأهداف الاقتصادية القومية بالرغم من اختلاف أدوات إدارة النظم المالية والمصرفية .
• رفع كفاءة المصارف وزيادة ملاءمتها وقدرتها التمويلية .
• توفير مزيد من التمويل التنموي للقطاعات الصغيرة والأصغر ، مع إحكام التنسيق والرقابة لضمان تحقيق الأهداف التمويلية .
• تشجيع إنشاء المؤسسات المصرفية والاستثمارية والتأمينية والتوسع في شركات المساهمة العامة ، مع تقوية مؤسسات الإشراف والرقابة (البنك المركزي ، الرقابة علي التأمين ، سوق الأوراق المالية ، المراجعة والحسبة ).
• استقطاب التمويل الخارجي من المؤسسات الإقليمية والدولية والمصرفية الخارجية وتنشيط التعاون الثنائي مع الدول الصديقة (الدول العربية ، الصين ، الهند ، وماليزيا ... الخ ) ، وذلك لتوفير موارد للحكومة والقطاع الخاص والسعي لرفع الحصار والمقاطعة الغربية والأمريكية علي السودان ، مع الاستمرار في اتخاذ الوسائل اللازمة للتعامل معها في حالة استمرارها ، وكذلك لحماية الاقتصاد منها وتخفيف أثارها علي المواطن السوداني .
• يظل الاستثمار المباشر هو المورد الرئيسي لتمويل النهضة ، وعليه لابد من تحفيزه وإزالة المعوقات من أمامه .
إستراتيجية التنمية الاجتماعية والحد من الفقر ينبغي أن تكون هي العمود الذي تدور حوله السياسات الاقتصادية والثابت الذي تتغير لأجله الإجراءات والقوانين والبرامج ، ولذلك فإن الإستراتيجية القومية للحد من الفقر هي الموجه الرئيسي للبرنامج الاقتصادي للمؤتمر الوطني .
وخـتامــاً :
هذه خطوط عامة لمناقشة مقومات استكمال نهضة السودان الاقتصادية ، ويمكن أن نلخص أهم خطوطها الكلية في :
أولاً : تحريك قيم العمل والإنتاج ، واستنهاض عزائم أهل السودان لزيادة إنتاجية الفرد السوداني وزيادة كفاءته بالحفز والتدريب ... وصولاً إلى تعظيم الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية لمنتجات السودان.
ثانياً : دفع الاقتصاد السوداني نحو تعظيم الإنتاج وتعزيز الاستقرار الاقتصادي ، وتحقيق معدلات نمو عالية سنوياً .
ثالثاً : تحفيز الاستثمار وتشجيعه بتوفير التمويل للقطاع الخاص وجذب التمويل الأجنبي وتهيئة مناخ الاستثمار .
رابعاً : التوسع في تمويل مشروعات النهضة الزراعية بزيادة الإنتاج النباتي والحيواني وإنتاج الألبان وإنتاج الدواجن والثروة السمكية لتحقيق الأمن الغذائي وزيادة فرص التشغيل لقطاعات الخريجين الشباب من الجنسين .
خامساً : التوسع في مشروعات القطاع الصناعي وتكاملها مع القطاع الزراعي النباتي والحيواني ... واتخاذها كذلك مصدر للتشغيل ومعالجة البطالة .
سادساً : يظل قطاع الخدمات هو الميسر للنهضة الاقتصادية والأكثر استيعاباً للعمالة ، فيجب التوسع في خدمات الاتصالات والنقل والخدمات المالية والعلاجية والتعليمية والسياحة والخدمات الثقافية والرياضية وغيرها ، وفتحها لاستثمارات القطاع الخاص.
سابعاً : يظل التوسع في قطاع النفط ـ مع الاهتمام بالقطاعات الأخرى ـ ذو أهمية لدور الموارد النفطية في إعطاء دفعة قوية للاقتصاد في قطاعاته الأخرى .
ثامناً : إعطاء عناية خاصة لتعظيم الصادرات بتخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة التنافسية.
تاسعاً : توسيع الإيرادات العامة من خلال تخفيض الضرائب مع رفع كفاءة التحصيل وتشجيع المجتمع علي الادخار والتبرعات والصدقات وتوسيع دائرة الزكاة والأوقاف .
عاشراً : استكمال مشروعات النية التحتية في الطرق والجسور واسودود والموانئ والمطارات ومشروعات الكهرباء والري ، وتوسيع قطاع الإنشاءات والتشييد .
حادي عشر : إذا حقق اقتصادنا تعظيم الثروة فلابد أن تحقق قيمنا الأخلاقية في عدالة توزيعها وعدالة الفرص الاقتصادية وشمول عائد النهضة للجميع .
ثاني عشر : لابد أن يراعى نظامنا الاقتصادي قيمنا في الكافل ورعاية الفقراء والضعفاء والمساكين .
والله ولي التوفيق ....